هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الشباب المسلم
منتديات إسلامية على طريق أهل السنّة والجماعة
عزيزي العضو لترشيح نفسك للإشراف يتوجب عليك مراسلة أعضاء الإداره الثلاثه وهم (أبو الحارث الجلاد، ابو البراء، برهوم حبيب المدير)وإذا تم غير ذلك فلن يتم قبول أي عضو الى لائحة الإشراف..... إدارة المنتدى
عدد المساهمات : 23 نقاط : 67 تاريخ التسجيل : 13/11/2009 العمر : 30
موضوع: ماهية القرآن الأول .. الإثنين نوفمبر 30, 2009 5:08 pm
ماهية القران الأول
مدخل:
يعتمد الحديث عن ماهية القرآن على موضوع دلالات الألفاظ في القرآن الكريم ، وعلى البنية الداخلية للقرآن إذ هذا يستثني الحديث عن دلالات الألفاظ في اللغة عامة، وإنما أتناوله بشكل غير مباشر وليس هو هدف هذه الدراسة.
فاهتمامي ينصب على كيفية توليد القرآن لمعاني الألفاظ فيه ، ثم بالتالي فهم النص القرآني بعد ضبط معاني المفردات فيه.
و قبل أن أدخل في الموضوع سأحدد بعض المصطلحات التي استخدمتها:
المعنى : وأقصد فيه معنى الكلمة المفردة .
الدلالة : وأعني فيها دلالة الكلمة في سياقها القرآني.
السياق التاريخي للقرآن : أعني فيه ترتيب القرآن بحسب تاريخ النزول وهذا يتعلق بشكل مباشر بأسباب النزول ، وبكون الآية أو السورة مكية أو مدنية .... تركيب نسيجي: أي أن التركيب القرآني عبارة عن نسيج مترابط ، وهناك قوانين تحكم بنائية النص ، بحيث أن أي تقديم أو تأخير أو حذف أو استبدال لكلمة في القرآن تخل بهذا البناء، وأقصد بالنسيجي حتى لا يختلط الأمر بمفهوم الهندسي ، حيث ان كل كلمة في القرآن ترتبط مع كافة المفردات القرآنية بخيوط مباشرة وغير مباشرة ، فالقرآن كتلة واحدة متماسكة ومترابطة.
وأود أن أوضح مخطط هذه الحلقة من البحث :
أولا: طرح التساؤلات الممكنة حول دلالة الألفاظ القرآنية.
ثانيا: مفهوم دلالة الألفاظ بشكل عام عند علماء اللغة والإشكاليات المثارة لدى تطبيق عملية استنباط دلالات الألفاظ للنصوص البشرية على النص القرآني.
ثالثا: الفرق بين النص القرآني والنص البشري.
رابعا: مدى تأثير هذا الفرق على تحديد معاني المفردات القرآنية.
خامسا الإشكاليات المثارة في حال تبنينا لهذه الأدوات الجديدة في فهم دلالات النص القرآني. سأطرح بداية هذه الأمور بشكل عام ثم أتناولها بالتفصيل من خلال الأمثلة ، كما سيتحدد من خلال ذلك معاني بعض المصطلحات التي استخدمتها بشكل أوضح.
موضوع دراسة القرآن الكريم أساسا تهدف للإمساك بالفكرة التي يتحدث عنها النص، أو فهم دلالات الخطاب القرآني ، إذا يمكن صياغة الموضوع في الجملة التالية: (معرفة دلالات النص القرآني).
إذا نحن أمام مفهومين علينا التركيز عليهما ومناقشة مضامينهم المباشرة وغير المباشرة الدلالة-النص القرآني
ويمكننا أن ندخل إلى المضامين عبر هذه التساؤلات:
هل هناك دلالة واحدة أم دلالة متغيرة؟
إذا افترضنا أن هناك دلالة واحدة وثابتة، فهذا يعطي ألفاظ القرآن معنى ثابتا وسكونيا، وبالتالي ما فائدة إعادة ترتيب القرآن، في سياق آخر مختلف عن سياقه التاريخي؟
إن إعادة ترتيب القرآن بكيفية مغايرة لترتيب النزول، يرمز إلى عدم تثبيت الدلالات في عصر التنزيل، والمستقاة من الظروف المحيطة بالآيات عند النزول.
الأمر الثاني الاختلافات في التفاسير وهي تعبر عن عدم ثبات المدلولات القرآنية.
وحتى نتوسع في الموضوع فلابد من تحديد هذه المقدمات. المدلولات ترتبط بشكل مباشر بالحالة الذهنية والمعرفية للقارئ، وهذا ما أشار إليه السلف وما أثبتته العلوم الحديثة المختصة بعلوم الدلالة والسيميائيات، ونقتبس هنا قول ابن جني في كتابه الخصائص في تعليقه على ظاهرة الترادف :
( وكلما كثرت الألفاظ على المعنى الواحد كان ذلك أولى بأن تكون لغات لجماعات اجتمعت لإنسان واحد من هنا ومن هنا)
إذا أحال ابن جني تعدد الألفاظ الدالة على المعنى الواحد لاختلاف الجماعات.
ويقول منقور عبد الجليل في كتابه علم الدلالـة أصوله ومباحثه في التراث العربي : ذهب ابن خلدون في سياق شرحه للعملية الدلالية حين قال: "الكلمات المسموعة الدالة على ما في النفس" وأوضح المسألة أكثر، حيث قال: "كما أن القول والكلام بيان عما في النفس والضمير من المعاني" هذه التقريرات تبين إدراك ابن خلدون لأهمية الجانب السيكولوجي في الفعل الدلالي، وقد دأب سوسير على التركيز على هذا الجانب في كتابه المحاضرات حيث عرف الدال بكونه الإدراك النفساني للكلمة الصوتية، والمدلول هو الفكرة أو مجموعة الأفكار التي تقترن بالدال. باعتبار أن لا علاقة مباشرة بين الاسم ومسماه، إنما العلاقة المباشرة تربط الدال بالمحتوى الفكري الذي في الذهن) ا-ه
ويقول الجاحظ في كتابه البيان والتبيين:
( قال بعضُ جهابذة الألفاظِ ونُقَّادِ المعاني: المعاني القائمة في صدور النّاس المتصوَّرَة في أذهانهم والمتخلِّجة في نفوسهم والمتَّصِلة بخواطرهم والحادثة عن فِكَرهم مستورةٌ خفيّة وبعيدةٌ وحشية محجوبةٌ مكنونة ) البيان والتبيين للجاحظ ج 1
لن أطيل في الاستشهاد فهذا ما أثبته العلماء قديما وأصلوه حديثا، وانتقلوا إلى مرحلة المنهجية في هذا التأصيل. وهذه الاعتباطية في العلاقة بين الدال والمدلول اتخذت مجراها وتأسيسها على يد عبد القاهر الجرجاني وصولا الى فرديناند دو سوسير الذي أنشأ قواعد هذا العلم وتم تأسيسه نظريا، طبعا هذه الاعتباطية اللغوية تأسست بناء على النظر في أسلوب البشر في التعاطي مع اللغة، ولكن تم تطبيق ذلك على القرآن الكريم ، فبناء على المقدمة السابقة فإن مدلولات الألفاظ لدى العربي كانت تحمل حالته الثقافية والذهنية.
وبالتالي عندما نتناول القرآن بناء على اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول نكون قد جعلنا دلالات القرآن محكومة بخزان ثقافي محدود وبيئة ثقافية واجتماعية لها شروطها الذاتية،وبذلك يصبح العائد المعرفي للمفردة هو السياق الثقافي والاجتماعي والسقف المعرفي للمفسر أيا كان، أضف الى ذلك كيفية تناول المفردات بناء على القواعد البلاغية للشعر وما تحتويه من مترادف ومشترك ومجاز وغيره.
الأمر الثاني: أننا لو افترضنا أن دلالة اللفظ لدى العربي في ذلك الوقت هي الدلالة الصحيحة فهذا يعني أن العربي قد استوعب إطلاقية القرآن.
الأمر الثالث: أننا نفتح الباب واسعا للدخول أمام من يريد دراسة النص القرآني كظاهرة إنتاج ثقافي لمجتمع في زمن معين ، وهذا ما يطلق عليه تاريخانية النص. ولكن ما سبق لا يمكن أن يناقش بمعزل عن الإشكاليات التالية
-1- أن القرآن نزل بلسان العرب وهذا ما أثبته القرآن فكيف نحيل الدوال على مدلولات مخالفة لمدلولات العرب في ذلك الوقت؟
-2- لو افترضنا أن المدلولات لا يجب أن تحكم بمدلولات العربي الذي نزل القرآن في بيئته، فهذا يقودنا إلى أن فهمه للقرآن كان مغلوطا، فكيف يصح هذا مع أنهم أمروا بالمجاهدة بالقرآن؟
-3- ما هو البديل المطروح هل هو بديل يعتبر أن هناك فهما ثابتا للقرآن وهذا قد تم نفيه سابقا، أم أن مدلولات القرآن محكومة بالدلالات المتغيرة بتغير الزمان والمكان والوضع الاجتماعي والثقافي؟
4- وكيف يتم ضبط هذه الدلالات المتغيرة في ظل عالم متغير بتسارع كبير، وهل هو منهج بلا ضوابط، بحيث يصبح الأمر تأويلا خاضعا للبنية النفسية للمؤول ؟ هذه جملة الإشكاليات والأسئلة المثارة الحاضرة في تناول القرآن كنص غير بشري، ولكن قبل تناول هذه الإشكاليات علي أن أرى إلى ماذا يقودني وصف القرآن المجمع عليه بأنه نص غير بشري؟
إن هذا يقودني إلى أن الأدوات الإجرائية المتبعة للإمساك بفكرة يتحدث عنها نص بشري، لن تكون نفسها الأدوات الإجرائية المتبعة لفهم النص القرآني، للاختلاف الجذري في ماهية النص القرآني عن النص البشري ، فبما انه نص لا يمكن للإنس لو تظاهرت معها الجن أن يأتوا بمثله ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)) الإسراء 88
وهذا يعني أن تسخير كافة الإمكانيات البشرية والإمكانيات الفوق بشرية، والغير مرئية والخارقة للعادة لن تتمكن من الإتيان بمثله، مما يعني أن بنية النص القرآني مفارقة لبنية النص البشري وتركيبه وبالتالي فإنه غير خاضع لقوانين إنتاج النصوص البشرية وله قوانين إنتاج مختلفة، وبالتالي فإن الأدوات الإجرائية التي تبحث في فهم دلالة النص البشري، والمرتبطة بقوانين إنتاج النصوص البشرية، والمستنبطة منها، لا يمكن أن نطبقها على النص القرآني للاختلاف في ماهية النصين، ومن ذلك ما أشرنا إليه سابقا من اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول، هذا لا يعني نسفها وعدم الاستفادة منها ولكن نكون كمن يحاول أن يطبق العلوم البيولوجية أو علم الاقتصاد فقط في فهم الإنسان وحركة التاريخ. وبما أن الحديث هنا عن الماهية فعلينا أولا أن نفهم طبيعة القرآن كما يطرحها القرآن نفسه وهنا علينا معالجة المفاهيم المرتبطة بالموضوع(القرآن - الكتاب - الآية- السورة) وهذا موضوع بحث مستقل.
معنى الكلمة في القرآن يستنبط من داخل القرآن نفسه لأن الإسقاط الثقافي والنفسي على المفردة في القرآن، يعني ضبط مدلولات القرآن من خلال البنية الثقافية للقارئ، ولكن التركيب القرآني مختلف عن تركيب النصوص البشرية ، حيث أن النص القرآني ذو تركيب نسيجي مولد لمعاني الألفاظ من داخل القرآن نفسه، والكلمة في القرآن كالعنصر في التفاعلات الكيميائية، ذو خصائص ثابتة (مدلول ثابت) وإنما يولد من تفاعله مع باقي العناصر نتائج لا متناهية من التراكيب، فارتباط الكلمة في القرآن في سياقاتها الصغرى والكبرى، تعطي نتائج مركبة وغنية، والأمر يرجع للإنسان المتدبر ومدى قدرته على معرفة المراد من النص من خلال تدبره للكلمات المتجاورة في الآية والاقترانات اللفظية وعلة ربط آيات معينة في سورة معينة، فهنا عملية غنية جدا تبدأ من ضبط معنى الكلمة من خلال رصد مواقعها في القرآن وبالاستفادة من مناهج علوم الدلالة في ذلك ، ثم فهم دلالات الآيات من خلال سياقاتها الصغرى والكبرى ومناهج العلوم الحديثة (علم النفس والاقتصاد والاجتماع إلخ....) ، فالقضية ليست ألسنية بحتة وإنما هي جمع بين الجانب الألسني والجانب التحليلي لكلية القرآن الكريم المأخوذ كوحدة عضوية واحدة، ولقد أدى المنهج البلاغي في تناول القرآن الكريم الى تدمير داخلي للنص نفسه حيث أحيلت دلالات الألفاظ الى المخزون الثقافي للعربي وما يحتويه من مترادف ومشترك ومجاز وغيره فخرج النص بتأويلات وتفسيرات متعددة وساعد على ذلك الأسلوب التعضيني للقرآن ، وأقصد بذلك فصل الآيات عن سياقاتها الكلية، ولكن هذا الفصل يناقض مبدأ هاما وهو إعادة ترتيب الآيات وفق الوحي الإلهي، حيث أن لإعادة الترتيب أهمية كبيرة تجعل من القرآن مفارقا لشروط و ظروف إنزاله ، وتجعل من السياق الكلي للقرآن أهمية كبيرة في تحديد مدلول المفردة القرآنية، فضبط مدلول المفردة القرآنية يحتاج الى جهد كبير يستدعي الكثير من الألفاظ الأخرى والآيات والمواضيع.
وبعد ذلك لا يصبح السياق الأصغر هو الضابط للمعنى بل يصبح معنى المفردة المحدد من خلال السياق الأكبر هو الضابط للسياق الأصغر، فالمفردة هي التي تضبط وتوجه معنى الآية وليس العكس.
ان تحديد دلالة المفردة في القرآن يتحدد من خلال شبكة العلاقات والاقترانات مع المفردات الأخرى مما يستدعي أحيانا مفردات كثيرة جدا مما يدفع باتجاه تحليل هذه المفردات الأخرى ، فهي عملية واسعة وغنية ، ومن الخطأ البحث عن دلالة المفردة القرآنية بإخراجها الى سياقات أخرى كاستحضار بيوت الشعر التي لها مساقاتها الخاصة وبنائيتها المختلفة وعائدها المختلف ، فالمفردات في الشعر والنثر العربي ليس لها عائد منهجي أو معرفي فهي تأملات وحالات نفسية يعيشها الشاعر أو الكاتب ،
أما المفردة القرآنية فتمثل الهيكل المعرفي للجسد القرآني ولبناته الأساسية
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
برهوم حبيب المدير نائب المدير العام
عدد المساهمات : 34 نقاط : 65 تاريخ التسجيل : 26/11/2009 العمر : 29
موضوع: رد: ماهية القرآن الأول .. الثلاثاء ديسمبر 01, 2009 11:12 pm